الاثنين، 15 أكتوبر 2018

الدلالة و أقسامها عند الأصوليين



الدلالة و أقسامها عند الأصوليين


الدلالة هي أن يكون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بالشيء الآخر
. و هي أقسام:

إما عقلية
:كدلالة الفعل على الفاعل
إما طبيعية
: كدلالة حمرة الوجه على الخجل، و صفرته على الوجل
إما وضعية
: كدلالة الأقدار على مقدوراتها، و منه دلالة السببب، كالدلوك على وجوب الصلاة.

و هي إما لفظية أو غير لفظية
. فاللفظية و هي التي تهمنا هنا، و تنقسم إلى ثلاثة أقسام أيضا:
- 
دلالة المطابقة: و هي دلالة اللفظ على تمام معناه، كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق.
- 
دلالة التضمن: و هي دلالة اللفظ على بعض معناه، كدلالة الإنسان على الحيوان.
- 
دلالة الإلتزام: و هي دلالة اللفظ على لازم معناه، بحيث لا يفهم المعنى من اللفظ مباشرة، و لكن لازم له و مصاحب له، كدلالة السسقف على الحائط، و إلا كيف يكون سقف بدون مستند يستند عليه و هو الحائط.

و للتنبيه فإن الأصوليون يأخذون الأحكام من دلالة المطابقة و التضمن فقط، و يتركون الالتزام لأنه لا ينحصر
. قال
الإمام الغزالي
: " و إياك أن تستعمل في نظر العقل من الألفاظ ما يدل بطريق الالتزام، لكن اقتصر على ما يدل بطرق المطابقة و التضمن، لأن الدلالة بطريق الالتزام لا تنحصر.

و هذا التقسيم هو تقسيم الجمهور للدلالة، و عليه سار الإمام الشنقيطي في مذكرة أصول الفقه، ونثر الورود على مراقي السعود
.

و يعرف هذا التقسيم أيضا بطريقة المتكلمين و تقوم على تحقيق القواعد الأصولية تحقيقا نظريا، تجريدا بعيدا عن تأثير الفروع الفقهية مع العناية بوضع الحدود و التعريفات و تحقيقها، و تأويل النصوص في ضوء معانيها اللغوية
. كما يعتني الأصوليون في إطار هده الطريقة بالاستدلال على آرائهم الأصولية، و يهتمون بحشد الأدلة و البراهين النقلية و العقلية على صحة آرائهم و ضعف آراء مخالفيهم، معتمدين في ذلك منهج الجدل في مختلف مسالكه العلمية و المنطقية.

فقد قسم الجمهور من الأصوليين الدلالة اللفظ على المعنى إلى منطوق و مفهوم
.

فالمنطوق هو ما دل عليه اللفظ في محل النطق
. و ينقسم إلى منطوق صريح و غير صريح.

فالصريح فهو ما وضع اللفظ له فيدل عليه بالمطابقة أو التضمن
.

فقوله بالمطابقة و التضمن
: تدخل فيه دلالة اللفظ على ما وضع له بالمشاركة أو الاستقلال، و يخرج منه ما لم يوضع اللفظ له.. بل يلزم مما وضع له فيدل عليه بالالتزام 
و يدخل في المنطوق
: الأمر و النهي والمطلق و المقيد، و العام و الخاص، و المجمل و المبين، و الظاهر و المؤل و غيرها.

أما المنطوق غير الصريح
:فهو ما لم يوضع اللفظ له، بل يلزم مما وضع له فيدل عليه بالالتزام .و هو ثلاثة أقسام: إشارة النص، و اقتضاء النص، و إيماء النص.




إشارة النص
:

أنها دلالة اللفظ على المعنى ليس مقصودا باللفظ في الأصل، و لكنه لازم للمقصود فكأنه مقصود بالتبع لا بالأصل. كدلالة " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم" على صحة صوم من أصبح جنبا، لأن إباحة الجماع في الجزء الأخير من الليل الذي ليس بعده ما يتسع للاغتسال من الليل يلزم إصباحه جنبا.




اقتضاء النص
:

دلالة الاقتضاء لا تكون أبدا إلا على محذوف دل المقام عليه، و تقديره لا بد منه لأن الكلام دونه لا يستقيم لتوقف الصدق و الصحة عليه
. فمثال توقف الصدق عليه: " رفع عن أمتي الخطأ و النسيان" لو قدر ثبوته لأنه إن لم يقدر محذوف أي المؤاخذة بالخطأ كان الكلام كذبا لعدم رفع ذات الخطأ- لأنه كثيرا ما يقع الخطأ من الناس- .. و مثال توقف الصحة شرعا، قوله تعالى:" فمن كان منكم مريضا أو على سفر" أي فأفطر" فعدو من أيام أخر"، و مثال قوله تعالى:" أو به أذى من رأسه ففدية" أي فحلق شعره.




إيماء النص:

فهي لا تكون إلا على علة الحكم خاصة، و ضابطها
: أن يذكر وصف مقترن بحكم في نص من نصوص الشرع على وجه لم يكن ذلك الوصف علة لذلك الحكم لكان الكلام معيبا. و مثاله قوله صلى الله عليه و سلم للأعرابي الذي قال له: هلكت واقعت أهلي في نهار رمضان.أعتق رقبةـ فلو لم يكن ذلك الوقاع علة لذلك اعتق كان الكلام معيبا.و هذه الأقسام الثلاثة هي من دلالة الالتزام. و هي الإمام الشنقيطي من المفهوم و ليس من المنطوق.

هذا من حيث دلالة اللفظ على اللفظ في محل النطق، أي المنطوق
.

أما المفهوم فهو
: ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق. و هو قسمان أيضا:

مفهوم الموافقة
مفهوم المخالفة

أما مفهوم الموافقة فهو:




ما يكون فيه المسكوت عنه موافقا لحكم المنطوق،مع كون ذلك مفهوما من لفظ المنطوق
. و هو قسمان:

الأول
: ما يكون المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق، كقوله: " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يراه" فمثقال الجبل المسكوت عنه أولى بلحكم من مثقال الذرة، و قوله تعالى:" و أشهدوا ذوي عدل منكم"، فأربة عدول المسكوت عنهم أولى.

الثاني
: ما يكون المسكوت عنه مساويا للمنطوق في الحكم، كإحراق مال اليتيم و إغراقه، المفهوم منعه من قوله تعالى:" إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما".




أما مفهوم المخالفة فهو
:




أن يكون المسكوت عنه مخالفا لحكم المنطوق، كقوله صلى الله عليه و سلم
" في الغنم السائمة الزكاة" فالمنطوق السائمة و المسكوت عنه المعلوفة. التقييد بالسوم يفهم منه عدم الزكاة في المعلوفة. و يسمى دليل الخطاب، و تنبيه الخطاب. و هو ثمانية أقسام:

مفهوم الحصر
مفهوم الغاية، نحو
: فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره. مفهومه أنها إن نكحت زودا غيره حلت له.

مفهوم الشرط، نحو
: و إن كن أولات حمل، يفهم منه أن غير الحوامل لا نفقة لهن.

مفهوم الوصف، نحو
: في الغنم السائمة زكاة.

مفهوم العدد، نحو
: فاجلدوهم ثمانين جلدة، يفهم منه أنه لا يجلد أكثر من ذلك.

مفهوم الظرف، زمانا كان أو مكانا
.

مفهوم العلة، نحو
: أعط السائل لحاجته، يفهم منه أنه لا يعطي لغير المحتاج.

مفهوم اللقب، و أضعفها
.

هذا التقسيم
- كما ذكرانا قبل- هو تقسيم المتكلمين.





أما طريقة الأحناف:




و تسمى أيضا طريقة الفقهاء
: و هي طريقة متأثرة بالفروع، و تتجه لخدمتها و إثبات سلامة الاجتهاد فيها.. و القواعد في إطار هذه الطريقة، هي قواعد استنباطية مأخوذة من الفروع و الأحكام التي إليها الأئمة في المذهب الحنفي، إذ إن الأصولي في إطار هذه الطريقة يفترض أن الأئمة قد راعوا هذه القواعد عند الاجتهاد و استنباط الأحكام، و لذلك فإنه وجد فيما بعد فرعا فقهيا يتعارض مع القاعدة المستنبطة فإنه يلجأ إلى تعديلها بما يتفق مع هذا الفرع، و الذي دعا أصوليي الحنفية إلى هذه الطريقة أن علماءهم لم يتركوا كتبا في الأصول، أو أن هؤلاء الأصوليين لم يعثروا على تلك الكتب - إن وجدت- فبحثوا عن القواعد الأصولية في ثنايا الفروع الفقهية باعتبار أنها لا يد أن تكون قائمة على أساس.

و تنقسم الدلالة في إطار هذه الطريقة إلى أربعة أقسام
:
- 
من حيث الوضع: عام و خاص، مطلق و مقيد..
- 
من حيث الاستعمال: حقيقة و مجاز

-
من حيث الوضوح و الخفاء: 
* 
الواضح و يشمل: الظاهر و النص, و المفسر و المحكم

*
الخفي و يشمل: الخفي و المشكل، و المجمل و المتشابه

-

من حيث القصد: عبارة النص، إشارة النص، اقتضاء النص، ثم دلالة النص


***

هناك تعليق واحد:

  1. http://arabiyahyes.blogspot.com/2016/11/dilalah-dan-macam-macamnya-dalam-ilmu.html

    ردحذف